رأي - حزب الله والتدمير الذاتي
تصعيد المواجهة بين حزب الله وإسرائيل في صيف-خريف 2024 شكّل لحظة مفصلية في تاريخ الصراع بين الطرفين. بخلاف ما حدث في حرب تموز 2006, لم يتمكّن الحزب هذه المرة من فرض معادلة الردع التي طالما تباهى بها, بل وجد نفسه أمام خسائر بشرية وتنظيمية جسيمة, واهتزاز في صورته كقوة عسكرية "لا تُقهر". على الرغم من أنّ الكثير من التحليلات ربطت الفشل بعوامل عسكرية بحتة, مثل التفوق الجوي الإسرائيلي أو الدعم الغربي لتل أبيب, إلا أنّ هذا المقال ينطلق من فرضية مختلفة: إنّ جزءًا أساسيًا من الفشل جاء من الداخل, عبر ما يمكن تسميته "التدمير الذاتي". يقوم هذا التدمير الذاتي على محورين مترابطين: الجمود القيادي وإهمال الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفي. فمنذ الثمانينات, ظلّت القيادة بيد الجيل المؤسس, دون تداول عمودي يسمح بظهور مقاربات جديدة, ومع الوقت تحوّل وجود هؤلاء القادة إلى ما يشبه "الهالات" غير القابلة للمسّ, ما فرض على الحزب أن يُنشئ مناصب ووحدات أفقية لإرضاء الولاءات, بدل أن يُدخل دماء جديدة ترفده برؤى معاصرة. هذا الجمود جعل الحزب أسير عقلية الماضي في إدارة الحرب. بالتوازي...