المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف رأي

رأي - من رعيّة الحاكم إلى رعاية الله

صورة
تمرّ الشعوب، كما الأفراد، بدورات من التجارب والاختبارات. أحيانًا تقودها هذه التجارب إلى التقدّم، وأحيانًا إلى التراجع والانهدام. غير أنّ التراكم، في كلا الحالتين، يُنتج وعيًا جمعيًا جديدًا، ويدفع الجماعات إلى البحث عن مسارات أكثر نجاحًا وديمومة، حتى لو تخلل ذلك الكثير من الإخفاقات. هذه الفكرة نجد جذورها في نظرية الدورات الحضارية عند ابن خلدون، أو في رؤية أرنولد توينبي الذي اعتبر أنّ التحديات الحضارية تستفزّ المجتمعات إمّا للاستجابة الخلّاقة أو للانهيار. لكن الاستجابة الخلّاقة تفترض وجود بيئة تسمح بالتجريب، أي مجالًا عامًا مفتوحًا لتداول الأفكار، نقدها، اختبارها، والتكيف معها بحسب خصوصيات كل مجتمع. المجال العام، كما طوّره يورغن هابرماس، يشكّل شرطًا أساسيًا للتطور الحضاري. ففيه تتواجه التيارات الفكرية والسياسية، ويُختبر ما يصلح للبقاء وما يسقط أمام النقد. وهو بطبيعته ساحة للتعددية، حيث تتنافس قوى ومصالح مختلفة في إنتاج رؤية مشتركة للمستقبل. غير أن ما حدث في العالم العربي منذ انهيار السلطنة العثمانية، يكشف أن هذا المجال لم يُمنح فرصة الاستمرار، بل أُقفل تباعًا بفعل الانقلابات العسكرية، وت...

رأي - فليحكم الإخوان!

صورة
  إن الهدف النهائي لأي نشاط سياسي ينبغي أن يكون السعي الى تحقيق حياة أفضل للأفراد في مجتمع معين, في سياق مسعانا البشري للوصول الى السعادة. هذا ما يجب أن يستوطن عقل أصحاب القرار والفاعلين في أي صراع سياسي أينما كان. إن انحراف المشتغلين بالسياسة عن هذا الهدف – تحقيق السعادة – لا يعني فساد السياسة بعينها وبالتالي ابتعادنا عنها, بل يعني ضرورة استمرارنا في محاولة تقويم الإعوجاج كما نراه أو كما يراه غيرنا, في علاقة بينيّة تبادليّة لأفكار متنوّعة. هذه العلاقة تدعونا الى إفساح المجال أمام من يملك الرؤية والأهلية لأن يكون في موقع المسؤولية, وفي حالة المجتمعات الحديثة والمعاصرة التي ترتبط بعقد إجتماعي, يكون إفساح المجال أمام من يملك الأكثرية, وبالتالي تجربة رؤى وتطلعات الأغلبية لإختبار مدى نجاعتها وقابليتها للتطبيق, وفي حال الفشل, يتم الخوض في تجربة أخرى, وهكذا دواليك. في حالة الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية, وفي هذا النص سأصطلح على تسميتها بالمجتمعات المخطوفة, لم يكن التطور السياسي مكتسبا بالتجربة, بل كان بشكل أو آخر محاولة مشوّهة لاستنساخ خلاصات التجربة الأوروبية وتطبيقها على مجتمعا...

رأي - شو رح يصير فينا؟

صورة
  إن تراكم الصدمات والأحداث المؤلمة في غضون فترة زمنية قصيرة، من شأنه أن يؤثّر بشدّة على الوعي الجماعي ويغير تصور الواقع لدى أي مجموعة. وقد شهدنا هذه الظاهرة في الطائفة الشيعية في لبنان خلال الأحداث بين السابع عشر والسابع والعشرين من سبتمبر/أيلول. وما زال من غير الواضح المدى الكامل للتحولات النفسية والاجتماعية التي حدثت ــ وسوف تستمر في التكشف ــ داخل هذه الطائفة. ولابد من فهم هذه التغييرات سواء داخل الإطار الطائفي اللبناني أو من حيث علاقة الحزب السياسي المهيمن على الطائفة، حزب الله، بحليفه الإقليمي، إيران. بعد سنوات من إعداد الطائفة الشيعية لحرب "حتمية" ــ وفقاً لمسؤولي حزب الله ــ وصياغة سرد يسلط الضوء على القوة العسكرية الهائلة التي تتمتع بها الجماعة، سواء من حيث الكم أو النوع، تعرضت صورة حزب الله التي تم بناؤها بعناية لضربة قوية. لقد تعرضت سمعة حزب الله، الذي يُعترف به على نطاق واسع باعتباره أكبر الفصائل العسكرية غير الحكومية وأكثرها تقدماً وخبرة في المعارك في العالم، لأول ضربة كبرى في أعقاب سلسلة من الهجمات على مدى يومين متتاليين باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي، والتي أس...